لماذا بُني سور الصين العظيم إذا كانت الصين دولة واحدة؟

سور الصين العظيم

لماذا بُني سور الصين العظيم إذا كانت الصين دولة واحدة؟

يطرح كثير من الناس هذا السؤال: “لماذا بُني سور الصين العظيم للدفاع، إذا كانت الصين دولة واحدة؟”. للوهلة الأولى، قد يبدو غريبًا أن تبني دولة سورًا ضخمًا داخل أراضيها، لكن الحقيقة أن هذا السؤال يحمل افتراضًا غير دقيق تاريخيًا. في الفقرات التالية، سنوضح لماذا بُني السور، ومن كان العدو، ولماذا لم تكن الصين “دولة واحدة” بالمفهوم الحديث.

أولًا: الصين لم تكن موحدة دائمًا

في العصور القديمة، لم تكن الصين دولة موحدة ومستقرة كما نعرفها اليوم. بل كانت عبارة عن:

  • دويلات وممالك متنازعة في فترات معينة.
  • إمبراطوريات متعاقبة مثل تشين، هان، تانغ، سونغ، ومينغ، كل منها حكم الصين في فترة مختلفة.
  • حدود مرنة تتغير حسب القوة العسكرية والتوسع أو الانكماش.

لذلك، لم يكن هناك “سور” يحيط بدولة واحدة موحدة، بل كان يُبنى لحماية مناطق النفوذ الصينية من الخارج.

ثانيًا: من كانوا الأعداء؟

الهدف الأساسي من بناء سور الصين العظيم كان الدفاع ضد القبائل البدوية المحاربة التي كانت تعيش في الشمال، خارج حدود الإمبراطوريات الصينية. ومن هذه القبائل:

  • الهون (Xiongnu): كانوا مصدر تهديد كبير خلال حكم أسرة “هان”.
  • المغول: قادوا غزوات كبيرة على الصين، وتمكنوا لاحقًا من حكمها في عهد أسرة “يوان”.
  • الترك والتابغاش: جماعات قبلية قاتلت الصين في فترات متفرقة.
  • المانشو: سيطروا لاحقًا على الصين وأسّسوا أسرة “تشينغ”.

كانت هذه القبائل تتنقل على ظهور الخيول، وتعيش في السهول الواسعة شمال الصين (منغوليا الحالية وأجزاء من سيبيريا). وقد شكّلت تهديدًا دائمًا للمزارعين والمدن المستقرة جنوب السور.

ثالثًا: وظيفة السور

سور الصين لم يكن مجرد جدار حجري، بل كان:

  • نظامًا دفاعيًا متكاملًا يتضمن أبراج مراقبة، وثكنات جنود، ومخازن طعام، ونقاط إشعال النار للتنبيه السريع عند حدوث غزو.
  • خط إنذار مبكر ضد الهجمات القادمة من الشمال.
  • أداة لضبط الحدود ومنع الهجرة غير المرغوب فيها أو التهريب.

رابعًا: هل نجح السور في مهمته؟

نجح سور الصين في بعض الفترات في ردع الغزاة وتأخير تقدمهم، لكنه لم يكن مانعًا مطلقًا. على سبيل المثال:

  • المغول بقيادة جنكيز خان تمكنوا من اختراق السور وغزو الصين بالكامل.
  • المانشو أيضًا عبروا السور، لكن من خلال تحالفات داخلية، واستولوا على الحكم.

خامسًا: هل السور يفصل بين دولتين اليوم؟

لا. سور الصين العظيم يقع كاملًا داخل أراضي الصين الحديثة، ولا يفصل بين دولتين. هو معلم تاريخي وسياحي عظيم، يرمز إلى قوة الحضارة الصينية وقدرتها على التنظيم والدفاع في وجه الأخطار.


من يحكم الصين اليوم؟ وهل له علاقة بالقبائل القديمة؟

اليوم، لا تحكم الصين أي من تلك القبائل التي كانت تغزوها قديمًا. بل تُحكم من قبل الحزب الشيوعي الصيني (CCP)، وهو الحزب الحاكم منذ عام 1949 بعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية.

  • القيادة الحالية تتألف من أبناء قومية الهان، التي تمثل الأغلبية الساحقة من سكان الصين (أكثر من 90%).
  • أما القبائل القديمة مثل المغول، المانشو، التبت، والأويغور فهي اليوم تُعتبر أقليات قومية داخل الصين، لكن لا تملك نفوذًا سياسيًا حاكمًا.
  • آخر قبيلة حكمت الصين كانت المانشو، عبر أسرة تشينغ (1644–1912)، وانتهى حكمهم مع سقوط الإمبراطورية وبدء الحكم الجمهوري، ثم لاحقًا الحكم الشيوعي.

خلاصة:

الصين اليوم يحكمها نظام سياسي مركزي حديث، مختلف تمامًا عن العصور القديمة. القبائل التي كان يُخشى غزوها أصبحت اليوم جزءًا من النسيج الاجتماعي الصيني، بينما يمثل سور الصين العظيم شاهدًا على تاريخ طويل من الصراع والدفاع والبناء الحضاري.

0 replies

Leave a Reply

Want to join the discussion?
Feel free to contribute!

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *